شهد العالم خلال العقدين الأخيرين مجموعة من التحولات والتغييرات الكبيرة نتيجة ثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والتي نتج عنها سهولة التواصل بين البشر ونقل الأحداث في جميع دول العالم فور حدوثها الأمر الذي صاحبة تفاعل من مجموعات كبيرة من الأفراد وأعطى مساحة كبيرة من حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وحقوق كثيرة أخرى، فضلاً عن اهتمام المجتمع الدولي بمنظومة حقوق الإنسان بشكل عام.
وفى ضوء الاهتمام العالمي بذلت جهود كبيرة من المنظمات الدولية خاصة الأمم المتحدة لوضع مجموعة من المواثيق الدولية لحماية حقوق الإنسان والتي أثمرت عن ظهور الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والتي تشمل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذى أصدرته الأمم المتحدة عام 1948 والذى وضع القواعد العامة والأخلاقية لحقوق الإنسان ثم تلاه جهود كبيره لوضع هذه الأطر في مجموعة من الحقوق التفصيلية ونتج عنها عدد من المواثيق أهمها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبروتوكولين الاختيارين حيث صدًّقت عليها معظم دول العالم وأصبحت جزءاً من المنظومة التشريعية لها .
ولقد توسع مفهوم حقوق الإنسان من حقوق الفرد المدنية والسياسية إلى حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى حقوق الجيل الثالث مثل الحق في التنمية، السلام، العيش في بيئة نظيفة والحصول على المعلومات ....إلخ ، وتضمنت أيضاً حقوق الفئات الخاصة خاصة كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة والأطفال .
ويتفق كثير من الباحثين على وجود ثلاثة مصادر لحقوق الانسان تتمثل في المصادر الدولية والإقليمية: وتتضمن جميع المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تناولت حقوق الإنسان -المصادر الوطنية: وتتضمن الدساتير والتشريعات الوطنية -المصادر الدينية: وتتضمن الأديان السماوية ، وهذه المصادر ا تكمل بعضها البعض في اتجاه متوافق لحماية حقوق الإنسان
وفى هذا الاطار تعد أجهزة الشرطة من أهم الأجهزة الخاصة بدعم وحماية وتنفيذ حقوق الإنسان بشكل عام، فهي المعنية بحماية وتدعيم معظم الحقوق بدءاً من الحق في الحياة والحق في الأمن ومروراً بالحق في حياة كريمة ومستقرة وانتهاءاً بالحق في حرية الرأي والتعبير.
حيث تقوم أجهزة الشرطة بمختلف تخصصاتها بجهود كبيرة في مجال حماية وتدعيم حقوق الإنسان ليس فقط الحقوق المدنية والسياسية وانما يمتد إلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وأيضاً مجموعة حقوق الجيل الثالث مثل الحق في بيئة نظيفة والحق في السلام والحق في التنمية ...إلخ.
وفى ضوء هذا الاهتمام أنشأت وزارات الداخلية العربية إدارات متخصصه في مجال حماية حقوق الإنسان فضلا عن إنشاء وحدات لحماية كل حق على حدة من هذه الحقوق ، قامت بعضها بإنشاء قسم تحت مسمى حقوق الإنسان فى كل جهة شرطية يختص بمراقبة وحماية وتدعيم حقوق الإنسان وفقاً للمنظومة الدولية والتشريعات الوطنية.
كما تقوم أيضاً قطاعات عديدة بوزارات الداخلية العربية بجهود كبيرة في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان لجميع منتسبيها من خلال الدورات التدريبية والمحاضرات والندوات التي تعقد في مختلف التجمعات الشرطية، فضلاً عن قيامها بالعديد من الأنشطة في هذا المجال بهدف نشر ثقافة حقوق الإنسان وكذا الترويج لجهودها في مجال حمايتها
ورغم الجهود الكبيرة لأجهزة الشرطة في مجال حقوق الإنسان وتضحيات رجالها من أجل تحقيق الأمن والاستقرار لأوطانهم وحماية الأرواح والممتلكات إلا أن تلك الجهود لم تلقى صدى إيجابي في كثير من المعالجات الإعلامية لقضايا حقوق الإنسان كما أن كثير من تقارير منظمات حقوق الإنسان تركز فقط على الإخطاء الفردية لبعض رجال الشرطة دون النظر إلى تضحياتهم في مجال مكافحة الجريمة بشكل عام ومكافحة التنظيمات الإرهابية بشكل خاص، الأمر الذى يؤدى إلى تشكيل رأى عام سلبى ومضلل في بعض الأحيان تجاه رجال الشرطة ، كما أن قطاعات كبيرة من المجتمع ليس لديها معرفة ووعى بما تقوم به أجهزة الشرطة من إجراءات وجهود لحماية حقوق الإنسان
لذلك تبرز أهمية تطوير المنظومة الإعلامية الأمنية والتخطيط الإعلامي لتسويق جهود وإنجازات وتضحيات رجال الشرطة في مجال حماية حقوق الانسان واستخدام كافة وسائل الاعلام لنشر ثقافة حقوق الانسان خاصة وسائل التواصل الاجتماعي .